أبو القاسم البخيل والحذاء المشاكس
** * * *كان في بغداد رجلٌ غنيٌ وبخيل اسمه أبوالقاسم ، وكان عنده حذاءٌ قديمٌ ظل يلبسه سبع سنواتٍ ، وكلما انقطع من الحذاء جزء وضع مكانه قطعةً من الجلد حتى تضخم الحذاء ، وصار ثقيلاً جداً ... قال له أحد أصدقائه ذات يوم : ليتك ترمي حذاءك القديم هذا ... وتشتري حذاءً جديداً ... فأنت رجلٌ غنيٌ ! *خجل أبوالقاسم وقال : نعم ... سأشتري حذاءً جديداً ان شاء الله.
** * * *لكنه بخل ولم يفعل ... وفي يوم من الأيام ذهب إلى حمام المدينة ليستحم ، وترك حذاءه في الخارج ودخل ... وتصادف أن جاء القاضي ... ودخل الحمام ... وترك حذاءه الجديد بالخارج أيضاً.
** * * *حضر بعض الأولاد وأخذوا حذاء أبي القاسم .. واختفوا وراء شجرةٍ ينظرون ماذا سيفعل.
** * * *خرج أبوالقاسم ... فلم يجد حذاءه القديم ووجد مكانه حذاءً جديداً ... ظن أبوالقاسم أن صديقه اشترى له الحذاء الجديد هدية ... وأخذ حذاءه القديم .. لبس أبو القاسم الحذاء الجديد وسار به سعيداً.
** * * *ضحك الأولاد وأعادوا حذاء أبي القاسم إلى مكانه أمام باب الحمام ... وعندما خرج القاضي فلم يجد حذاءه ، ووجد مكانه حذاءً قديماً فغضب وبحث في الحمام فلم يجد أحداً ... فسأل عن صاحب الحذاء فقالوا له : إنه حذاء أبي القاسم!.
** * * *قال القاضي : لابد أن صاحب هذا الحذاء هو الذي سرق حذائي !. *أرسل القاضي جنوده إلى أبي القاسم فوجدوا الحذاء عنده.
** * * *أحضر الجنود أبا القاسم إلى المحكمة ، واسترد القاضي حذاءه ... دافع
أبو القاسم عن نفسه لكن القاضي لم يصدقه ... وحكم عليه بالحبس لمدة أسبوع ... ودفع ينار غرامةً.
** * * *خرج أبوالقاسم من السجن بعد أسبوعٍ ، وتوجه إلى بيته ... وقبل أن يدخل ترك حذاءه بالخارج لعل أحداً من المارة يأخذه ... ويخلصه منه ... بعد قليلٍ دق عليه الباب رجلٌ وأعطاه الحذاء.
** * * *قال أبوالقاسم في نفسه : سأذهب إلى النهر وأرميه هناك.*
رمى أبوالقاسم الحذاء في النهر ورجع إلى البيت ... فجاء صيادٌ ورمى شبكته ، وشدها فخرجت الشبكة وفيها الحذاء.
** * * *نظر الصياد إلى الحذاء وصاح : أعرف صاحب هذا الحذاء .. إنه أبوالقاسم!! ... حمل الصياد الحذاء إلى بيت أبي القاسم ، فلم يجده فنظر فرأى نافذة مفتوحة .. فرمى الحذاء من النافذة إلى داخل البيت ... فسقط على خزانة الزجاج فكسرها وحطم ما بداخلها.
** * * *وجاء أبوالقاسم ، وعرف الأمر ، وحزن حزناً شديداً ... تحير أبوالقاسم وحمل الحذاء ، ونزل إلى بيتٍ قريبٍ ، وحفر بجانبه حفرةً ليدفن فيها الحذاء ، ليستريح منه ... سمع أصحاب البيت صوته وهو يحفر ، فخافوا أن يقع البيت عليهم ، فذهبوا إلى القاضي وشكوه ، فأرسل القاضي إلى أبي القاسم وأحضره ، وقال له : أتريد أن تهدم الجدار على أهله ؟! حرامٌ عليك! وحبسه القاضي بعد أن جعله يدفع بعض المال تعويضاً لأهل البيت.
** * * *فكر أبوالقاسم وصعد فوق سطح بيته ، ووضع حذاءه بعيداً عن الناس ... فرآه كلبٌ ، فحمله وعبر به على سطح بيتٍ مجاورٍ فسقط الحذاء من فم الكلب على رأس رجلٍ فشج رأسه وأسال دمه ... صرخ الرجل من الألم ، وبحث عن صاحب الحذاء فقال الناس : هو لأبي القاسم.
** * * *ذهب الرجل الجريح إلى القاضي ، فحكم القاضي على أبي القاسم بعلاج الرجل عند الطبيب ، ودفع بعض المال تعويضاً له.
** * * *وأخيراً اضطر أبوالقاسم لشراء حذاء جديد ، ولكي يتخلص من حذائه القديم تقدم به إلى القاضي وقال له : ليتك – يا مولانا القاضي – تضع هذا الحذاء المشاكس في السجن ... ولا تخرجه أبداً ... حتى أستريح منه ... ويستريح منه الناس !
** * * *ضحك القاضي ونفذ ما طلب.