الفصل الثاني : عزة نفس وطموح مبكر
التفت الشيخ مبارك إلى تعليم ابنه ولكنه كان مشغولاً فأسند تعليمه إلى الشيخ أحمد أبو خضر وكان على مبارك يقيم فى منزل الشيخ ويعود إلى منزله يوم الجمعة وكان أحمد أبوخضر كاشر الوجه , قاسى الطبع وبجانبه عصا غليظة يضرب بها الأولاد فكره الشيخ .
وأدرك أنه إذا اجتهد يمكن أن يفر من هذه العصا وأمضى سنتين أتم فيهما حفظ القرآن الكريم للمرة الأولى وكان ينبغى أن يعيد حفظه ليثبته فاشتدت عليه العصا فرفض أن يذهب إلى الشيخ ثانيةً . فعاد ابوه يعلمه بنفسه حتى انصرف على إلى اللعب ونسى ما حفظ فحزن أبوه لذلك وامره بالعودة إلى الشيخ فرفض الصغير أن يعود إلى العصا الغليظة مرة ثانية فترك الشيخ مبارك على يختار بنفسه الطريق الذى يفضله , فاختار على مبارك أن يكون
كاتباً مثل الكاتب الذى رآه مرتدياً ملابس نظيفة والناس يحترمونه واخبر والده بذلك فاسرع به إلى صديق له من الكتاب الذين يكتبون للناس شكواهم وعقودهم وغيرها ورجاه
أن يعلمه ويربيه ويأخذه فى منزله ويجعله واحداً من أولاده ففرح على مبارك كثيراً وأعجبه ملابسه الحسنة وجعل يقول فى نفسه : بلغت يا على ما كنت تتمنى !
ولكن ظنه كان خاطئاً لأنه وجد بيت الكاتب يموج بالضجة لكثرة عيال الرجل ثم جاءت معاملة الكاتب لعلى معاملة سيئة للغاية ووجد على نفسه لا يتعلم من الكاتب شيئاً بل هو يعمل خادماً عنده فلم يطق هذا الجو الكئيب وعاد إلى أبيه يريه آثار الضرب والمعاملة السيئة فقابل أبوه شكواه بالغضب الشديد مما جعل على مبارك يهرب إلى قريته الأولى وأقام عند قريب له هناك واخبره بالقصة فاستخدم معه قريبه اللين والملاطفة وارجعه إلى بيته حيث والديه فى شوق ولهفة عليه وعرضوا عليه التعليم عند كاتب يقيس الأراضى للفلاحين فقال الصبى فى اعتزاز بنفسه : اجرب فإذا أعجبنى استمر وإلا ابحث عن عمل آخر فأنى أريد أن أكون من الكبراء .